(..مضارُّ الهوى..)

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحيمِ
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته ..

من كتاب " وقد خابَ من دسَّاها "
للدكتور :مُحمّد ياسر المسْدي .. أقتطفُ لكُنَّ هذا الموضوع :

مضارُّ الهوى
قال الماروديُّ رحمهُ الله : (وأما الهوى فهوَ عن الخيرِ صادّ ، وللعقلِ مُضادّ ،لأنَّهُ ينتجُ من الأخلاقِ أقبَحَها ، ويُظهرُ من الأفعالِ فضائِحَها ، ويجعلُ سترَ المروءةِ مهتوكًا ، ومدخلَ الشَّرِّ مسلوكًا )


فمضارُّ اتِّباعِ الهوى كثيرةٌ وخطيرة على إيمانِ المرء نذكُرُ أهمَّها :
  •   اتِّباعُ الهوى أسرٌ وقيد :
قال ابنُ كثيرٍ رحمهُ اللهُ معقِّبًا على قوله تعالى : "أرأيتَ من اتَّخذَ إلههُ هواهُ " ٍٍ[الفرقان:43] (يعني أنَّه مهما استحسنَ من شيءٍ ورآهُ حسنًا في هوى نفسِهِ كانَ دينَهُ ومذهبَهُ) ، قالَ تعالى : "أفمن زُيِّنَ لهُ سوءُ عملِهِ فرآهُ حسنًا فإنَّ اللهَ يُضِلُّ من يشاءُ"[فاطر:8]
وقالَ ابنُ تيميةَ رحمَهُ اللهُ : (المحبوسُ من حُبسَ قلبُهُ عن ربِّه ، والمأسورُ من أسرَهُ هواه)

  •    اتِّباعُ الهوى يصُدُّ عن الحقّ:
قالَ الإمامُ عليُّ ابنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه : (أخوفُ ما أخافُ عليكم اثنينِ : طولُ الأملِ واتِّباعُ الهوى ، فأمَّا طولُ الأملِ فيُنسي الآخرةَ وأمَّا اتِّباعُ الهوى فيصُدُّ عن الحقّ)
وقالَ ابنُ تيميةَ : (صاحبُ الهوى يُعميهِ هواهُ ويُصمُّهُ ، فلا يستحضرُ ما للهِ ورسولِهِ في الأمر، ولا يطلُبُهُ أصلًا ، ولا يرضى لرضى اللهِ ورسوله ،...... بل يرضى إذا حصلَ ما يرضاهُ هواه ، فليسَ قصدُهُ أن تكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا ، بل قصدُهُ الحميّة لنفسه أوطائفتِهِ أو الرِّياءُ)
بل إنَّ أصحاب الهوى يغضبونَ على من خالفهم وإن كانَ معذورًا ، ويرضونَ عمّن يوافقهم وإن كان جاهلًا سيءَ القصدِ ، وتصيرُ موالاتُهم ومعاداتُهم على أهواءِ أنفُسِهم لا على دينِ اللهِ ورسوله .


  • اتِّباعُ الهوى يُفسدُ العقلَ ويعطل المدارك :
إنّ الإنسان المتّبع للهوى تكون اجتهاداتُه غير موزونة ، بعيدةً عن العقلِ والرَّويّة ، كُلُّ همِّه أن ينتصرَ لما يُملي عليهِ هواه.
تأمَّل قولَ اللهِ تعالى:"أفرأيتَ من اتَّخذَ إلههُ هواهُ وأضَلَّهُ اللهُ على علمٍ وختمَ على سمعِهِ وقلبِهِ وجعلَ على بصَرِهِ غشاوةً"[الجاثية:23]
فصاحبُ الهوى لا يستخدم علمه بشكلٍ صحيحٍ حتَّى يصبحَ أعمى القلب ، لا يسمع ، ولا يرى إلا ما يملي عليهِ هواه ، فلا يستجيبُ لمنهجٍ ولا ينفعُ معهُ _والعياذُ باللهِ _ إرشادٌ ولا توجيه ، قالَ تعالى: "فإن لم يستجيبوا لكَ فاعلم أنَّما يتَّبعونَ أهواءَهُم" [القصص:50]
قال الشاعرُ:
إنّ الهوى يُفسِدُ العقلَ السَّليمَ .. ومن يعصي الهوى يسلَم من الضَّرر

  • اتِّباعُ الهوى سببٌ في إضلالِ الآخرينَ :
قالَ تعالى: "وإنَّ كثيرًا ليُضِلُّونَ بأهوائِهم بغيرِ علم"[الأنعام:119].
فأصحابُ الاهواءِ لا يقتصرُ ضررُهم على أنفُسِهم ، بل يتعدَّاهُم إلى الآخرينَ من أتباعِهم ، وذلكَ مثلُ أهلِ الزَّيغِ والفسادِ والبدعِ ومن شابهَهُم.


  • اتِّباعُ الهوى من أهمِّ أسبابِ الأمراضِ الباطنةِ:
إنَّ جُلَّ أمراضِ القلوبِ من كبرٍ وعُجبٍ وحسدٍ وحُبٍّ وجاه ... هو من اتِّباعِ الهوى .
فالذي يتمكَّنُ منهُ الهوى ، ويخالفُ دلالة القرآنِ والحديثِ ووصايا الفُقهاءِ لن تراهُ إلَّا في تعثُّرٍ ووقوعٍ يُكبُّ على وجههِ لا يعرفُ اتِّزانًا ولا صُعودًا.
 

0 التعليقات:

أضف تعليق