جعلتني راضية عن زوجي

جعلتني راضية عن زوجي
محمد رشيد العويد

جاءني صوتها ضعيفاً عبر الهاتف .
قالت : هل أستطيع أن أستشيرك ؟
قلت : تفضلي .
قالت : هل وقتك مناسب الآن .
كنت مشغولاً ، وأردت أن أعتذر منها ، لكن صوتها الواهن الضعيف مع عبرة تكاد تخنق صوتها جعلاني أقول لها : تفضلي الآن .
قالت : أريد أن أستشيرك في زوجي .
قلت : كم مضى على زواجك .
قالت : ثلاثون سنة .
قلت : ما شاء الله . وكم عندك من الأبناء .
قالت : ثلاث بنات .
قلت : إن شاء الله يأخذن بيدك ويدِ زوجك إلى الجنة .
قالت : هذا ما أرجو وأتمناه .
قلت : اخبريني ماذا تشتكين في زوجك ؟
قالت : إنه لا يدافع عني .
قلت : لا يدافع عنك أمام من ؟
قالت : أمام أهله .
قلت : هل يتهمك أهلُه بشيء ؟
قالت : إنهم يسيئون إلي بكلامهم .
قلت : وهل سألت زوجك عن سبب عدم دفاعه عنك ؟
قالت : ذكر أنهم أهله ولا يريد أن يزعلهم .
قلت : وزعلك أنت .. أيهون عليه ؟
قالت : هذا ما يحزنني ويؤلمني .
قلت : هل تشتكين في زوجك شيئاً آخر ؟
قالت : هذا أهم ما أشتكيه فيه .
قلت : زوجك متدين ؟
قالت : الحمد لله ، متدين جداً .
قلت : هل يبخل عليك أو على بناتك ؟
قالت : لا ، أبداً ، هو كريم وسخي علينا .
قلت : ومعاملته لك كيف هي ؟
قالت : زينة ( جيدة ) .
قلت : هل سبق أن ضربك ؟
قالت : لم تمتد يدُه عليَّ بسوء قط .
قلت : شتمك ؟
قالت : ما شتمني .
قلت : طوال هذه السنين الثلاثين ؟
قالت : طوال هذه السنين .
قلت : أما لاحظت أن عندك زوجاً تحسدك عليه آلاف الزوجات ؟
قالت : سكتت ولم تجب .
قلت : مئات الزوجات يتصلن بي يشتكين ضرب أزواجهن أو شتَمهم لهن . ولا شك في أن هناك آلافاً غيرهم يضربون ويشتمون لكن زوجاتهم لا يشتكين ولا يتصلن .
قالت : وعدمُ دفاعه عني .
قلت : لو وضعت هذا الذي تشتكينه في زوجك أمام تدينه وكرمه وعدم إساءته إليك لحمدت الله كثيراً عليه .
قالت : بم تنصحني ؟
قلت : قبل أن أنصحك أريد أن أسألك : في رأيك أنت .. ما سبب عدم دفاعه عنك ؟
قالت بعد صمت قصير : طيبة قلبه .. كما أنه لا يحب الجدال .. ويفضل أن يسكت حتى ولو تكلم أهله عليه .
قلت : يا سلام .. لقد ذكرت ثلاث صفات جميلة أخرى في زوجك .
قالت : أي صفات ؟
قلت : أشرت إلى طيبة قلبه . وكراهيته للجدال . ومساواتك بنفسه .
قالت : مساواتي بنفسه ؟ كيف ؟
قلت : ذكرت أنه لا يرد على أهله حتى ولو تكلموا عليه ، أي أنه لا يدافع عن نفسه أمام أهله مثلما أنه لا يدافع عنك أمامهم .
قالت : كنت أطلب منه أن يطلقني .
قلت : الله يسامحك . عندك زوج نادر حافظي عليه ، وأحسني تبعلك له ولا تفرطي فيه .
قالت : الله يجزيك الخير جعلتني راضية عن زوجي بعد أن كنت ساخطة عليه .
هذا الحوار الذي دار مع تلك الزوجة ذكرني بالطرفة التالية :
سئل حكيم : كيف تريد المرأة زوجها ؟
أجاب : المرأة تريد زوجها صديقاً رفيقاً حبيباً أخا أباً منصتاً عطوفاً رحيماً دافئاً حساساً صبوراً شجاعاً ثرياً كريماً مرحاً متفهماً نظيفاً أنيقاً مرتباً مخلصاً .
قيل للحكيم : وكيف يريد الرجل زوجته ؟
أجاب : يريدها أن تنشغل عنه بنفسها وتتركه في حاله .
هذه الطرفة لا ترسم الابتسامة على شفاهنا فحسب ، بل هي ترشدنا إلى طبيعة في الرجل وطبيعة في المرأة .
فالمرأة تريد زوجها كاملاً ، فمهما تحلى من صفات حسنة وأخلاق طيبة فإنها تظل مفتقدة خلقاً من الأخلاق ، ونراها تنسى كل ما فيه من خير لتشكو عدم تحليه بخلق واحد من الأخلاق السابقة جميعها .
والرجل يمكن أن يصبر على كثير مما في زوجته من أخلاق إلا إلحاحها عليه ومتابعتها له ، لذا وجدنا الحكيم ذكر أمراً واحداً يريده الرجل في زوجته : هو أن تتركه في حاله .
وهذا يجعلني أوجه كلمة للرجل وكلمة للمرأة ؛ فأما كلمتي للرجل فهي :
كثرة طلبات المرأة منك ، وشدة حاجتها إليك ، واستمرار متابعتها لك ، وسؤالها المتـكرر عنك ، من طبيعتها ، ومما تشترك فيه مع بنات جنسها ، فاحتمل هذا منها ، وزد من صبرك عليها .
كذلك أرجو منك أن لا تصدم إذا وجدت زوجتك تنسى صفاتك الطيبة كلها ، وأخلاقك الحميدة جميعها ؛ لتشتكي خلقاً واحداً فيك لا ترتاح هي إليه ، فهذا من طبيعتها أيضاً ، ولقد سبق النبي صلى الله عليه وسلم في بيان هذا لنا حين أخبرنا أن الرجل يحسن إلى امرأته الدهر كله .. ثم إذا غضبت قالت له : ما رأيت منك خيراً قط .
أما كلمتي للمرأة فهي :
خففي من حصارك لزوجك ومضايقتك له ، وقللي من طلباتك ، وحاولي أن تستغني عن كثير من حاجاتك غير الضرورية ، وهذه هي نصائحي لك لتحقيق ذلك :
– كلفي أولادك بإحضار ما يمكنهم إحضاره تخفيفاً عن زوجك .
– لا تطلبي من زوجك في وقت يكون فيه متعباً أو متضايقاً .
– اكتبي ما تحتاجينه وأعطيه زوجك مرة واحدة حتى لا تطلبي منه شيئاً كلما تذكرته . هذا يقلل من المرات التي تطلبين فيها من زوجك .
– ابتـعدي عن الافتراض ، فلا تطلبي منه طلباً معلقاً بالمستقبل أو بحال لم تقع . كأن تقولي له : أختك قالت لي إنها تريد ابنتنا فاطمة لولدها فهد ، وأنا لا تعجبني أخلاق فهد فأفهم أختك أن تبحث عن غير فاطمة لولدها . ( فاطمة في العاشرة وفهد في الخامسة عشرة ، أي أن الاعتراض الآن مبكر فلا داعي لأن تجعله سبباً لخلافها مع زوجها ) .

0 التعليقات:

أضف تعليق