بسم الله

* عورة الغضب *
من منا لا يغضب؟
لا بد بدايةً أن أعرف أن الانفعال و الغضب "عورة" سوءة من سوءات القلوب، هل الله عز و جل قال لي لا تغضبي؟ أم قال استري نفسك بـ {و اتقوا الله} كم مرة ورد هذا اللفظ في القرءان الكريم؟
هذا
الغضب مشاعر ممكن تكون طبيعية و لكن لو زادت عن حدها يخرج الانسان عن
انسانيته مثل ما يسموها علماء النفس "الصفات الغضبية" إنسان دومًا منفعل لا
يتحكم، ليس عنده ضبط انفعالي .. هذه الصفات الغضبية التي هي من صفات
السباع و الوحوش هذه موجوده في قلب العبد بقدر لو انفذها الانسان فيما هو
صالح لكان خير ..
مثل:
الغضب على محارم الله عز و جل أن تنتهك، أنن يُغضب الله عز و جل و أنتِ موجودة
لا تسمحي أن يتم شيء يغضب الله عز و جل و أنتِ موجودة فتغضبي له تعالى
"أن يتعرّى الإنسان" مثل رجل يغضب أن تظهر امرأته أمام الرجال أو أي شخص بصورة لا ترضي الله عز و جل
أن يتعرض أهله لسوء
أن يرى أحد يرتكب معصية فلا يتوجه إليه بلين و ينهاه
لو
هذا الغضب موجود بهذا القدر يصبح ممتاز .. لكن إذا كان فيه انفعال و
سيؤدي إلى التعدي و انتهاك حقوق الآخرين يصبح عورة لا بد أن تستريها
ما تكلمنا عنه هو الغضب الجميل، لكن هناك غضب آخر و هو ما نريد ستره
الهجوم على الغير، اقتراف الشتائم، السب، اللعن، الانفعالات التي تؤدي إلى تقطيع الأوصال و الأرحام
أخت و أخ يتعاركا فيظلا سنة لا يتكلمان!! بسبب عدم ستر عورة الغضب
الزوج و الزوجة يتناقشا مناقشة يظلا بعدها كم شهر لا يتكلما؟
" التي إذا غَضِبَ جاءتْ حتى تَضَعَ يَدَها في يَدِ زَوْجِها ، وتقولُ : لا أَذُوقُ غَمْضًا حتى تَرْضَى" [الألباني في السلسلة الصحيحة: (289)]، هذه تسمى لغة الجسد، ستر لعورة القلب
الغضب
عورة من عورات القلب إذا وقع بدون ضابط يخرج الإنسان عن إنسانيته، فما قتل
قاتل إلا بالغضب، و هذه الجرائم التي ترتكب من قتل و سب و تعدي بدايتها "غضب"
لكن
إذا جعلته محدودًا بتقوى الله عز و جل و ستر لله ، لما وصلت الأمور لما
نراه من التذبيح و الشتائم و سوء الخلق، عندما يكلمها أحد تهبّ فيه مرة
واحدة و كأنها ستأكله!! لماذا؟ لأنها لا تستر نفسها

الله عز و جل حينما قال: {و الكاظمين الغيظ}، هل معنى ذلك أنهم لا يغضبوا؟
الكاظمين الغيظ دلالة على أن الغيظ موجود، هو يغيظني فكيف لا أغتاظ؟
لكن سأغظم لماذا؟ لأني أريد أن أكون محل لحب الله عز و جل فأستر عورة قلب و أكظم غيظي
حينما تحدثنا عن التقوى قلنا هي الخوف من الله عز و جل و هناك علماء قالوا: "أن يجدك الله حيث أمرك، و يفتقدك حيث نهاكِ"
هي الخوف من الجليل و العمل بالتنزيل" لكنني أريد شيء عملي، كلام عملي
يجب
عليكِ كطالبة علم أن توضّحي للناس؛ لأن قليل منهم من يعي هذه العبارات
النظرية، فنأتي نقول و هذا حقيقةً و ليس خيالًا أن قلبك هذا مثل مائدة
المفاوضات، لا بد أن يتعرض للمّتين
لمة
من المَلَك، الله عز و جل يقول لك اكظمي غيظك، و أن أعظم حق حق الزوج، و
بالوالدين إحسانًا، و الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل، هناك ملك دائمًا
يذكرك بالعلم الذي أتاكِ من عند الله
يذكرك أن المرأة لا بد أن تصون نفسها و تحفظ نفسها لله، و يعدك الربّ عز و جل أنكِ إذا سترتِ نفسك في الدنيا أن يسترك في الآخرة
هناك لمة للشيطان يقول لك "يااه سيعقدونك كلما قعدوا يقولون لكِ قال الله و قال رسول الله!
ما هذا الذي ترتديه؟ ستصابين بخنقة شديدة من هذا الذي على وجهك! ستأتيكِ حالة نفسية" هذه وسوسة دائمة من الشيطان
وعظ من الرحمن و هذا بنص حديث النبي –صلى الله عليه و سلم-: " إنَّ للشَّيطانِ لمَّةً بابنِ آدمَ وللملَك لمَّةً فأمَّا لمَّةُ الشَّيطانِ فإيعادٌ بالشَّرِّ ......" [صححه الألباني في صحيح الترمذي: (2988)]
القلب الآن به صراع رهيب، عملية الصراع هذه أنني دومًا أقول لا لن أستجيب
"مجـــــاهدة"
هذه المجاهدة إما أن تكوني على اليمين أو على اليسار .. أي: بمعنى أنكِ إما أن تسجيبي لواعظ الرحمن في قلبك أو إلى لمة الشيطان
فإذا استجبتِ للمة الشيطان ماذا يحدث؟ {ألا في الفتنة سقطوا}
أي: رسبتِ في الاختبار
كلما ترسبي في اختبار ينكت في القلب نكتة سوداء .. اقرأي هذا بتمعّن "
تُعرَضُ الفِتَنُ على القُلوبِ عَرْضَ الحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فأيُّ
قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ سَوداءُ ، وأيُّ قلبٍ أنْكَرَها
نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ بيضاءُ ، حتى يصِيرَ القلبُ أبيضَ مثلَ الصَّفا ، لا
تَضُرُّه فِتنةٌ ما دامَتِ السمواتُ والأرضُ ، والآخَرُ أسودَ مُربَدًّا
كالكُوزِ مُجَخِّيًا ، لا يَعرِفُ مَعروفًا ، ولا يُنكِرُ مُنكَرًا ، إلا
ما أُشْرِبَ من هَواه" [صححه الألباني في صحيح الجامع: (2960)]
مثقوب لا يمسك أي شيء؛ لأنه اتبع هواه

فالمجاهدة تنتج لكِ بنتيجتين:
إما
ترسبي في الاختبار، و لن يتركك أبدًا بل سيوقعك في شيء آخر، إياكِ أن
تتخيلي أن تقولي لن أفعل سوى هذه المعصية فقط، بل ستفعلي أشياء كثيرة جدًا و
سيظل في أذنيكِ يزن يزن إلى أو يوقعك، محال أن يتركك محـــااال
سيجعلكِ تتخنقي، كلنا نختنق، كلنا تأتينا هذه الخنقة
لكن هناك من يدفع و يدفع و يدفع حتى تتحق له التقوى .. كلنا نجاهد
المطلوب منك دائمًا أن تكوني في مجاهدة و عندك يقين بوعود الرب المؤمن الذي يصدق عباده ما وعدهم {و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} ستجاهدي كل الأمور، إذا ليس مع نفسك فمع غيرك
الانسان يشعر أن روحه تخرج من كثر المجاهدة .. كل هذا مكتوب عند الله عز و جل
لما تنتصري تتحقق لكِ التقوى، و إلا يأتيكِ الله عز و جل بالسعادة
إلا يأتيكِ؛ لأنه تعالى كريم، شكور، لا يضيع سعي العاملين عندهم، يعطي المتحملين من أجله الأثقال
هناك ثقل .. مع ذلك تتحملي، تتحملي، تتحملي من أجل أن تكوني محل لحبه و وده سبحانه و تعالى
قلنا
أن هذا الصراع يسمى مجاهدة، الصراع على طاولة القلب، تذكروا هذا جيدًا و
اشرحنه لغيركم؛ لأن الناس لا تتخيل أن هناك عدو لها هو من يظل يفعل هذا، الصراع اسمه مجاهدة الصراع الداخل على طاولة القلب
إذا نجحتِ .. تحققت التقوى
بعد
هذه المحاضرة بإذن الله لا تغضبي أبدًا، يكون هناك رغبة صادقة في الطلب، و
لا تتصوري أبدًا أن تكوني صادقة و يخذلكِ الله .. و دائمًا انوي الخير
اعملي عند الله عز و جل ليل نهار و سيربيه لكِ الله
أن تتحملي أذى الخلق لأنهم حتمًا سيؤذونكِ لكنكِ تتحملي لله

* أمثلة للغضب*
عورة الغضب، من أجمل القصص التي درسناها و أعجبتني و أريدكِ أن تشاهدي رد معاوية بن أبي سفيان بماذا سيرد عليه!
" كان
لعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - مزرعة في المدينة مجاورة لمزرعة
يملكها معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما -, و في ذات يوم دخل عمّال
مزرعة معاوية إلى مزرعة ابن الزبير, فغضب ابن الزبير و كتب لمعاوية في
دمشق, وقد كان بينهما سوء تفاهم: من عبد الله ابن الزبير إلى معاوية (ابن
هند آكلة الأكباد) أما بعد (فإن عمّالك دخلوا إلى مزرعتي فمرهم بالخروج
منها, فوالذي لا إله إلا هو ليكوننّ لي معك شأن)' . فوصلت الرسالة لمعاوية و
كان من أحلم الناس فقرأها, ثم قال لابنه يزيد:'ما رأيك في ابن الزبير،
أرسل لي يهددني؟' . (و هنا كل منا يرى نفسه حينما تكون أمكِ منفعلة و تشتكي لكِ هل تشعليها أكثر أم تهدئيها؟) (التقوى) (أنتِ لا تدرين هل قصّت عليكِ كل الذي حدث أم لا فهي في كل الحالات منفعلة)
فقال له ابنه يزيد: 'إرسل له جيشًا أوله عنده و آخره عندك يأتيك برأسه'
فقال معاوية: 'بل خيرٌ من ذلك زكاة و أقرب رحما' .فكتب رسالة إلى عبد الله
بن الزبير يقول فيها: 'من معاوية بن أبي سفيان إلى عبد الله بن الزبير (ابن
أسماء ذات النطاقين) (أرأيتِ الرد؟)
أما بعد .. فوالله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليك، و لو كانت
مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك .. فإذا وصلك كتابي هذا فخذ
مزرعتي إلى مزرعتك و عمّالي إلى عمالك .. فإن جنّة الله عرضها كعرض السموات
و الأرض (الله أكبر)
أترون؟؟ أترون ماذا فعل في عورة قلبه؟
لم يكظم غيظه فقط، بل قابل الأمر بالضد و الإحسان و أعطى له المزرعة
كان الخليفة عمر بن عبد العزيز (شاهدي نفسك حين زوجك بالعامية هكذا يزق فيكِ، تقولي له ضرب الحبيب مثل (أنتم تعلمون)
و كلمتين حلوين و تتركيه قليلًا و بينك و بين الله عز و جل تسجدي (الإنسان
الذي عنده يقين ما بينك و بين مشكلتك .. ما بين ركبتك و الأرض، في سجدة
بينك و بينه تعالى، ماذا تستفادي أن تردي الكلمة بكلمة؟ و كذلك مع أخيكِ و
جارتك و أي شخص {ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم} هو يريد أن يكشف عورتك فلا تسمحي له بذلك) فانتبهي و استري نفسك
كان
عبد الله بن عبد العزيز و هو جالس يصلي في المسجد جاء احد المصلين و كان
المسجد شديد الظلمة و تعثر برجل الخليفة و هو لم يراه طبعًا فقال: "أعمي
أنت؟" (هل انت أعمى؟؟) فقال الخليفة: كلا مبصر!" و لما قام أحد حراسه منعه
الخليفة فقال الحارس: إنه يقول لك أعمى؟ فكيف نسكت عنه؟ قال الخليفة هو
سألني فقال أأنت أعمى؟ فأجبته أني مبصر ليس أكثر من سؤال و جواب!!!
يسمونها
في علم النفس "جاءتكِ رسالة سلبية اعملي لها إلغاء، و لو صعب عليكِ جدًا
أقول لك والله مع الذي يدمن العلم مع الله عز و جل .. تصير الدنيا أمامك
تقوم و أنتِ حاولي أن تكوني و كأنكِ تمامًا تشاهدي كارتونًا .. تقولي:
لماذا يفعلون ذلك؟ العلم عن الله شيء عجيب يجعلك في أمن داخلي عجيب
انظري
إلى ردود هؤلاء! عندهم قوّة ضبط للنفس هذه القوة نستمدها من قال الله و
قال رسول الله و قال الصحابة أولوا العرفان، يغلب النص الذي أتى من الله و
يجاهد نفسه يتحكم نفسه و يستر عورة قلبه، قلبه به عورة و لكنه يستغيث بالله
أن يستر هذه العورة فلا ينفعل أو يتصرف تصرفات غير مضبوطة، كم من بيوت
خربت و كم من نساء طلقت بسبب كلمات، بسبب غضبة، لو ضبط العبد نفسه فيها و
سترها بلباس التقوى ما حدثت كل هذه المشاكل

كيفية علاج عورة الغضب باختصار:
1-
ترويض النفس و تدريبها على التحلّي بفضائل الأخلاق، و تربيتها على الحلم و
الصبر و عدم الاندفاع أو التسرع في الحكم، و حثّها على التأني. و قدوتنا
في هذا الأدب الرفيع رسول الله عليه السلام، الذي كان يسبق حلمه غضبه، و
عفوه عقابه. و لذلك ورد أن لقمان الحكيم قال: "لا يعرف الحليم إلا عند
الغضب".
2- أن يتذكر الإنسان ما جاء في ثواب العفو و فضل كظم الغيظ. فقد روي عن النبي عليه السلام قوله: «ما كظم عبد لله إلا ملأ جوفه إيماناً» رواه أحمد. و عند أبي داود: «ملأه الله أمناً و إيماناً». و قال عليه الصلاة السلام: «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً» رواه مسلم.
و هذا فيه تربية للمسلم على التحكم في النفس و قهر الغضب رغبة في الجزاء الحسن و الثواب العظيم من الله سبحانه.
3- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وذكر الله جل وعلا؛ لما في ذلك من الخوف منه سبحانه، وتذكر لعظمته وسطوته وقدرته. قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف:24].

0 التعليقات: